اخبار المنظمة

تعرب منظمة “صحفيات بلا قيود” عن بالغ قلقها إزاء التدهور الخطير في أوضاع حقوق الإنسان داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية، على ضوء انتحار السجين السياسي علاء جمال في مركز إصلاح وتأهيل بدر 3، بعد حرمانه الطويل من الزيارات وسوء المعاملة، في سياق ما وصفته تقارير حقوقية وأسرته بممارسات تنكيل منهجية نفسية وجسدية.
لا يمكن التعامل مع هذه الواقعة بوصفها حادثًا معزولًا، بل تأتي امتدادًا لسياسة قمع متصاعدة تستهدف المعتقلين السياسيين، خاصة في سجون بدر وبرج العرب والوادي الجديد، التي تحولت إلى رموز لانتهاكات جسيمة تشمل التعذيب، الإهمال الطبي، العزل المطول، وتكرار حالات الوفاة والانتحار.
ما وثّقته منظمة صحفيات بلاقيود يتقاطع مع تقارير صادرة عن جهات حقوقية مثل “حملة لا تسقط بالتقادم” و”تحالف المادة 55”، والتي كشفت عن ظروف احتجاز لا إنسانية في سجن بدر 3، منها تزويد الزنازين بكاميرات مراقبة تنتهك الخصوصية، إبقاء الإضاءة مشتعلة على مدار الساعة، والحرمان المتعمد من الزيارات والاحتكاك بالعالم الخارجي، عبر الاعتماد على جلسات المحاكمة عن بعد. وقد تم تسجيل ما لا يقل عن 12 حالة وفاة منذ افتتاح السجن في يونيو 2022، من بينها وفاة المعتقل محمد حسن هلال في ظروف مشبوهة بعد تعرضه لإصابات يشتبه أنها نتيجة تعذيب.
تفيد شهادات متطابقة أن واقعة انتحار علاء جمال فجّرت موجة احتجاج داخل السجن، حيث أعلن المعتقلون إضرابًا جماعيًا عن الطعام، وأشعل بعضهم الأغطية احتجاجًا على ظروف الاحتجاز. وقد استُدعيت قوات التدخل السريع لقمع هذه الاحتجاجات، ما يثير القلق مجددًا بشأن الاستخدام المفرط للقوة ضد محتجزين عزّل.
ترى المنظمة أن هذه الانتهاكات تشكل خرقًا واضحًا للدستور المصري، ولقانون تنظيم السجون، والتزامات مصر الدولية، لا سيما اتفاقية مناهضة التعذيب، وقواعد نيلسون مانديلا النموذجية، وقواعد بانكوك الخاصة بالسجينات. وتطالب بفتح تحقيق جاد ومستقل في هذه الانتهاكات، بما يشمل انتحار علاء جمال وحالات الوفاة الأخرى في سجن بدر 3، ومحاسبة جميع المتورطين، ووقف استخدام الحبس الانفرادي كأداة للعقاب، وضمان الحقوق الأساسية للمعتقلين، وفي مقدمتها الزيارة، والرعاية الصحية، والاتصال بالعالم الخارجي.
كما تدعو المنظمة إلى تمكين المنظمات الحقوقية المستقلة، والمقررين الأمميين، من زيارة السجون وتقييم أوضاع المحتجزين، ورفع تقارير علنية حول ظروف احتجازهم، وتناشد المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، باتخاذ موقف واضح لوقف الانتهاكات الممنهجة، ووقف التعاون الأمني مع السلطات المصرية ما دامت هذه الانتهاكات مستمرة دون مساءلة.
تؤكد “صحفيات بلا قيود” التزامها الثابت بالدفاع عن الصحفيات والسجينات السياسيات، وتوثيق ما يتعرضن له من انتهاكات، وإيصال أصواتهن إلى المحافل الدولية. وتعتبر أن الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم يُعد تواطؤًا، وأن الإفلات من العقاب يمثل خطرًا مباشرًا على مستقبل العدالة والحريات في مصر والمنطقة.