اخبار المنظمة

لبنان- قالت منظمة «صحفيات بلا قيود» إن معاناة اللاجئين السوريين في لبنان يجب أن تكون أولوية على أجندة الحكومتين اللبنانية والسورية، في ظل التحركات الدبلوماسية الجارية لتحسين العلاقات بين البلدين.
وأدانت المنظمة، الانتهاكات المتكررة ضد اللاجئين، بما في ذلك الانتهاكات التي رصدتها صحفيات بلا قيود قبل أيام، ومنها مداهمات الجيش اللبناني لعشرات المنازل وتجمعات اللاجئين باستخدام القوة، ومصادرة الممتلكات، وفرض ضرائب تمييزية، وتهديد اللاجئين بهدم خيامهم إذا تأخروا عن الدفع، إضافة إلى الاعتقالات والترحيل القسري.
وتنتهك هذه الإجراءات القوانين والاتفاقيات الدولية، من بينها الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وتحديدا المواد المتعلقة بالحق في الحرية والأمان.
وعبرت صحفيات بلا قيود عن استغرابها لاستمرار المعاناة الإنسانية وانتهاكات حقوق اللاجئين، حتى بعد 14 نيسان/إبريل الجاري، إثر لقاء جمع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة السورية دمشق، في زيارة هي الأولى منذ تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وقد أجرى الجانبان مباحثات تتناول ملفات عدة من بينها ملف اللاجئين.
أوضاع كارثية وتصاعد الانتهاكات
يستضيف لبنان نحو 1.5 مليون لاجئ سوري، بينهم 755 ألفاً مسجلين لدى الأمم المتحدة. سنة 2020 أشارت مفوضية اللاجئين إلى أن تسع من أصل كل عشر أسر سورية لاجئة في لبنان تعيش في فقر مدقع. ورغم الإعلان عن تشكيل لجان مشتركة بين لبنان وسوريا في 14 نيسان/أبريل 2025 لمتابعة ملف العودة الآمنة للاجئين وملف المفقودين، إلا أن الانتهاكات لم تتوقف، حيث رصدت صحفيات بلا قيود اعتقال ما يقارب 162 سورياً، يومي14 و15 نيسان/أبريل.
الترحيل القسري
في منتصف نيسان/أبريل، داهم الجيش اللبناني وأجهزة المخابرات منازل ومخيمات للاجئين السوريين في بلدات مثل ضهر الأحمر وكوكبا وبر الياس ومخيم صعب، وفتش عناصر من الجيش الخيام وصادروا 17 هاتفًا خلويًا ودراجات نارية، وأسفرت هذه المداهمات عن اعتقال 44 شاباً من اللاجئين، بعضهم كانت إقامتهم منتهية أو لا يملكون أوراقاً ثبوتية، وإثر ذلك جرى نقل40 لاجئاً إلى كتيبة حرس الحدود قرب معبر المصنع وترحيلهم قسرًا إلى سوريا.
التوقيف
وفي 15 نيسان/إبريل، أيضاً أوقف الجيش اللبناني 108 شخصًا من سوريا في مناطق متفرقة داخل لبنان، بتهم مختلفة، بينهم 105 شخصاً بتهمة دخول الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية.
وكانت مديرية المخابرات بالتعاون مع الجيش اللبناني قد نفذت عمليات دهم لمراكز ومخيمات تجمع للاجئين سوريين في منطقة المنصورة بالهرمل، في 14 نيسان/أبريل، وجرى توقيف 10 أشخاص للتحقيق، بعد حادثة طعن وإثر ذلك شهدت البلدة حالة نزوح في صفوف اللاجئين السوريين بعد تعرض بعضهم لاعتداءات بالضرب عقب الحادثة.
الضريبة
من جهتها، هدمت شرطة بلدية دير الأحمر، خيمة لاجئ سوري، لعدم قدرته على دفع ضريبة شهرية قيمتها 20 دولاراً، مع تهديدات لسكان مخيم البيادر، بمصير مماثل إذا لم يتم سداد الضريبة الشهرية المتأخرة.
الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين
تتضمن الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئ، الحقوق التي تحمي اللاجئين بما في ذلك العمل الحر وحرية التنقل، وحق التقاضي أمام المحاكم، وتشريع العمل والضمان الاجتماعي، وعدم التمييز.
وتنص المادة 29، من الاتفاقية على التالي: تمتنع الدول المتعاقدة عن تحميل اللاجئين أية أعباء أو رسوم أو ضرائب، أيا كانت تسميتها، تغاير أو تفوق تلك المستوفاة أو التي قد يصار إلي استيفائها في أحوال مماثلة.
بينما توفر المادة 31، الحماية للاجئين الموجودين بصورة غير مشروعة في بلد الملجأ.
أما المادة 33 الخاصة بعدم الإعادة القسرية، فتحظر، طرد اللاجئين بأية صورة من الصور إلي حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية.
مخاوف من توظيف الملف
وقالت صحفيات بلا قيود، بأن المخاوف الحقوقية إبان حقبة نظام بشار الأسد، تمثلت في غياب ضمانات دولية لحماية حقوق اللاجئين عند العودة، ورغم تناقص هذه المخاوف بعد خلع نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، إلا أن هناك مخاوف مستمرة بسبب عدم الاستقرار في سوريا إضافة إلى مخاطر التوظيف السياسي، دولياً، لهذا الملف الإنساني المهم.
وحذرت صحفيات بلا قيود من توظيف ملف اللاجئين سياسياً، خاصة مع تنامي السياسة الأوروبية لمنع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا وترحيلهم قسراً إلى سوريا، حيث ينتظرهم خطر التعذيب أو الاعتقال، خاصة أن المسؤولين الحكوميين في لبنان، يؤكدون تعاونهم الوثيق مع أوروبا لمنع الهجرة غير الشرعية.
فشل متعاقب
وأشارت صحفيات بلا قيود بأن الحكومات المتعاقبة في لبنان فشلت في إدارة ملف اللاجئين السوريين، وربما عملت على تفاقم المشكلة، وإذكاء العنصرية ضد اللاجئين، كما حدث إبان حقبة الرئيس ميشال عون، إذ دعا وزير الخارجية اللبناني ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، سنة 2019، صراحةً إلى التمييز ضد اللاجئين، بالعمل والسكن والضريبة وأمور كثيرة حسب تعبيره. وأضاف "من الطبيعي أن ندافع عن اليد العاملة اللبنانية بوجه أي يد عاملة أخرى سواء كانت سورية، فلسطينية، فرنسية، سعودية، إيرانية أو أميركية، فاللبناني قبل الكل".
كما اشتكى الرئيس السابق، ميشال عون من حجم الخسائر اللبنانية التي لحقت بلبنان نتيجة النزوح السوري، وأشار بأن حجم الخسائر بلغ نحو19 مليار و486 مليون دولار أميركي، بينما حصل لبنان على 9 مليارات و720 مليون دولار على شكل مساعدات.
وفي أواخر ديسمبر 2024، صرح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن ما يعني لبنان بعد التحول الكبير لسوريا، عقب 8 ديسمبر، هو عودة النازحين السوريين إلى بلادهم. وأشار بأن اللاجئين سببوا ضغطاً كبيراً جداً على الموارد اللبنانية، إضافة على المنافسة الشرسة الوظائف والخدمات في لبنان، ورغم تركيز المسؤولين على الضغوط الاقتصادية، إلا أنهم لم يقدموا أي حلول إنسانية.
خلفية الأزمة وإخفاقات الحكومات
يعود تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان إلى عام 2011، عندما فرّ مئات الآلاف من القمع الدموي لنظام الأسد. ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان، تفاقمت معاناة اللاجئين بسبب سياسات التضييق والإخلاء القسري. وفي أيار/مايو 2024، دعا البرلمان اللبناني إلى "إنهاء وجود اللاجئين"، رغم عدم ضمان شروط العودة الآمنة، ما دفع الآلاف إلى العودة تحت ضغط الظروف القاسية.
مطالب عاجلة
دعت "صحفيات بلا قيود" الحكومتين اللبنانية والسورية إلى تحمل مسؤولياتهما القانونية والأخلاقية ومعالجة ملف اللاجئين بشكل عاجل لضمان حماية هذه الفئة الضعيفة وفقاً للمعايير الدولية، سواء ضمان حقوقهم في لبنان بوقف عمليات الترحيل القسري فوراً، وإلغاء الضرائب التمييزية، أو ضمان حقوقهم عند العودة إلى سوريا.
وطالبت صحفيات بلا قيود المجتمع الدولي إلى زيادة الدعم الإغاثي لوكالات اللاجئين، ودعم برامج الحماية القانونية لهم، وحذرت من تحويل الملف الإنساني إلى ورقة مساومة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
كما دعت صحفيات بلا قيود، المنظمات الحقوقية إلى توثيق الانتهاكات بشكل منهجي وإنشاء خطوط مساعدة طارئة للاجئين، في ظل غياب آليات حماية فعالة لهم.