كلمات

كلمة توكل كرمان كلمة خلال ندوة للمعهد الدولي للسلام حول النساء والسلام والقيادة - نيويورك
صباح الخير، زميلاتي وزملائي الموقَّرين، أصدقائي، والمدافعين عن حقوق الإنسان، يشرفني أن أكون معكم اليوم ونحن نتأمل دور قيادة المرأة في تحقيق السلام والأمن الدوليين.
نحن مجتمعون هنا ليس فقط للاحتفاء بالتقدم المحرز، بل لمواجهة حقيقة مؤلمة: بعد خمسة وعشرين عامًا على اعتماد القرار الأممي 1325، العالم ما زال يفشل في خدمة النساء، وبفشله في خدمة النساء، يفشل في خدمة السلام ذاته.
الوضع الراهن
لقد أظهرت لنا التجارب التاريخية والواقعية أن منح النساء المساحة والفرصة يجعلهن وكلاء فاعلين للتغيير. في المجتمعات الممزقة بالنزاع، كانت النساء دائمًا خط الدفاع الأول عن الحياة، والحافظات للنسيج الاجتماعي، وبانيات الجسور عبر الانقسامات.
النساء لا يسعين للانتصار على طرف معين، بل يسعين للبقاء بكرامة لجميع الناس، ولضمان مستقبل آمن لأطفالهن، ولإرساء أمة قائمة على العدالة وحقوق الإنسان.
السلام ليس مجرد غياب الحرب؛ إنه وجود العدالة، وضمان الحقوق، وبناء مؤسسات تحمي الكرامة الإنسانية بدل انتهاكها. ولهذا، فإن إشراك النساء في المفاوضات، وفي بناء السلام، وفي صياغة السياسات الأمنية ليس خيارًا بل ضرورة.
ومع ذلك، وبعد خمسة وعشرين عامًا على اعتماد القرار الأممي 1325، ما زالت النساء ممثَّلات تمثيلاً ناقصًا في عمليات السلام واتخاذ القرار. أصواتهن ما زالت مهمشة، رغم أنهن من يتحملن أعباء الحرب والصراع الأكبر.
نحن نعيش في زمن خطير. الاستبداد يتصاعد، والأنظمة الأبوية تعاود فرض سيطرتها، والحروب والاحتلالات تتسع، ويُستغل الكراهية والعنصرية لتقسيم المجتمعات وتبرير الفظائع.
ومع ذلك – في غزة، وفي اليمن، وفي السودان، وفي أوكرانيا، وفي أماكن أخرى عديدة – تقود النساء الصفوف الأمامية للبقاء والمقاومة. هن يدافعن عن الحرية، ويحميْن مجتمعاتهن، ويقاومن الاحتلال، ويبنِينَ السلام من بين الركام.
في غزة، تواجه النساء إبادة جماعية. أكثر من 70 ألف شخص قُتل معظمهم من النساء والأطفال، وما زال الآلاف تحت أنقاض المنازل المدمرة. النساء هناك يلدن في مستشفيات مدمرة، يكافحن لإطعام أطفالهن وسط المجاعة، ويوثقن الجرائم بشجاعة استثنائية.
وفي بلدي، اليمن، تعاني النساء تحت وطأة ظلم ميليشيا الحوثي والوصاية الخانقة للتدخل السعودي والإماراتي. تُحرم النساء من حقوقهن، وتُسكَت أصواتهن، ويُستبعدن عن تشكيل مستقبل بلادهن.
وفي السودان، تتحمل النساء والأطفال ويلات حرب قبيحة ترتكب فيها الفظائع على يد قوات الدعم السريع، المدعومة من قوى خارجية. يُستخدم الاغتصاب والمجاعة كسلاح، بينما تُقتلع مجتمعات بأكملها.
وفي أوكرانيا، تمسك النساء بعائلاتهن ومجتمعاتهن في ظل العدوان المستمر.
فشل القرار 1325
حين اعتمد القرار 1325، كان يعد بالمساواة في المشاركة والحماية والقيادة للنساء في السلام والأمن. لكن بعد خمسة وعشرين عامًا، ما زلن مستبعدات من المفاوضات، وممثلات تمثيلاً ناقصًا في السياسة، وتتعرضن للهجوم أثناء النزاعات.
المشكلة ليست في غياب الالتزامات، بل في غياب التنفيذ والإرادة السياسية. الحكومات تتحدث عن قيادة النساء، لكنها لا تجعلها واقعًا.
ماذا يجب أن نفعل بشكل مختلف
بعد خمسة وعشرين عامًا على القرار 1325، الدرس واضح: الكلمات وحدها لا تكفي.
- يجب أن تصبح حقوق النساء التزامات ملزمة، لا توصيات اختيارية. القرار 1325 لا يزال أكثر شعار منه نظامًا. يجب أن يتحول إلى قانون ملزم، مع مؤشرات قابلة للقياس وعواقب على عدم الالتزام.
- تجاوز التمثيل الرمزي. دعم النساء لا يعني دعوة امرأة واحدة إلى طاولة المفاوضات كرمز، بل يعني إعادة هيكلة المؤسسات لتصبح النساء صانعات قرار متساويات في كل مكان – في محادثات السلام، في الانتقالات السياسية، وفي إعادة الإعمار.
- دعم مباشر للمنظمات النسائية في الخطوط الأمامية. كثيرًا ما تمر الأموال إلى مؤسسات كبرى وتتجاوز النساء اللواتي يخاطرن بحياتهن يوميًا من أجل الحرية والعدالة. يجب أن يحصل قادة النساء في المجتمع المدني على دعم مباشر ومستدام، لا على فتات متبقي من الميزانيات.
- مواجهة الاستبداد والاحتلال. هذه القوى تعزز بعضها البعض. لا يمكن تمكين النساء مع تمكين الظالمين أو دعم الدكتاتوريات أو الاحتلالات. دعم النساء يتطلب شجاعة سياسية – لمواجهة الدكتاتوريات، ووقف الاحتلال، ورفض التواطؤ في القمع.
- التأكيد على أن حرية النساء لا تنفصل عن حرية المجتمع بأسره. لا يمكن لمجتمع أن يستعبد شعبه ويدّعي تحرير نسائه. عند دعم النساء، يجب دعم مجتمعاتهن في كفاحها من أجل الحرية والكرامة وسيادة القانون. تحرر النساء يرتقي مع تحرر أمتهم.
- دمج الواقع الجديد – التكنولوجيا والحقوق الرقمية. تستخدم النساء التكنولوجيا لتوثيق الجرائم، وتحريك المجتمعات، والتواصل عبر الحدود. لكنهن يواجهن أيضًا المراقبة والتحرش والتضليل. حماية النساء على الإنترنت أصبح جزءًا من حماية السلام والأمن.
ختــــامـــــا
أصدقائي،
كان القرار 1325 وعدًا بأن النساء لن يظللن خفيات في السلام والأمن. بعد خمسة وعشرين عامًا، هذا الوعد ما زال مكسورًا.
لكن النساء لم ينتظرن. في غزة واليمن والسودان وأوكرانيا، وعبر العالم، يقودن بالفعل، ويبنِينَ السلام، ويحملن عبء البقاء والكرامة. السؤال الحقيقي هو: هل ستفي المجتمع الدولي بالتزاماته، أم سيواصل خيانة النساء، وبالتالي خيانة السلام؟
تذكّروا أننا عندما نتحدث عن قيادة النساء من أجل السلام والأمن، فإننا لا نتحدث فقط عن مستقبل النساء – بل عن مستقبل أفضل للإنسانية جمعاء.
مكِّنوا النساء، أو خسروا السلام.