الأنشطة

توكل كرمان: استهداف الصحفيين في غزة جريمة ممنهجة تهدد الحقيقة والعدالة
قالت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، خلال كلمتها في فعالية نظمتها مبادرة الحائزات على جائزة نوبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن استهداف الصحفيين في غزة يُعد جريمة إنسانية وسياسية لا تُمحى من ذاكرة العالم.
وأوضحت كرمان في كلمتها خلال الفعالية التي أقيمت تحت عنوان "السلطوية وحقوق الإنسان: دروس مقارنة وعابرة للحدود" أن الصحفيين الذين يعملون لنقل الحقيقة، وحمل الكاميرا والقلم لتوثيق الانتهاكات والمعاناة، أصبحوا هدفاً مباشراً في النزاع، مضيفة أن نحو 250 صحفياً قتلوا خلال سنوات الحرب، وفق تقارير موثقة، مما يجعل غزة واحدة من أخطر مناطق العالم على الإعلاميين.
وأكدت كرمان أن هذه العمليات ليست أعمالاً عشوائية فردية، بل سياسة ممنهجة تهدف إلى إسكات الصحفيين وطمس الأدلة وخلق رواية مشوهة للأحداث.
وقالت كرمان: عندما تُستهدف الكاميرا، لا يُقتل حياة واحدة فحسب، بل تُقتل إمكانية المحاسبة ويُغلق باب العدالة أمام الضحايا وعائلاتهم.
وأشارت كرمان إلى أن القتل الممنهج للصحفيين يحقق عدة أهداف: فرض صمت قسري، تشويه المعلومات، وتمكين المجرمين من الإفلات من العقاب.
وأضافت كرمان: الصحفيون في غزة لم يحملوا سلاحاً، بل حملوا الحقيقة، وهو ما يخيف القتلة أكثر من الرصاص، لذلك سعوا إلى إسكاتهم إلى الأبد.
وتطرقت كرمان إلى العواقب الإنسانية والمجتمعية لهذه السياسة، مؤكدة أن خسارة أرواح الصحفيين تمثل ضربة للمجتمع وللعدالة ولحرية التعبير، وتؤدي إلى حرمان العالم من رواية مستقلة للأحداث، وتعزز ثقافة الإفلات من العقاب.
ودعت كرمان المجتمع الدولي للتحرك لحماية الصحفيين وضمان محاسبة المسؤولين عن استهدافهم، مشددة على أن دماء الصحفيين لن تُسكِت الحقيقة، بل ستجعلها أكثر إصراراً على فضح الانتهاكات وتحقيق العدالة.
وقالت كرمان في ختام كلمتها: "مسؤوليتنا اليوم أن نطالب بحمايتهم وأن نصر على محاسبة من قتلهم، حتى يبقى الحق أقوى من الرصاص، وتبقى الكلمة حرة مهما اشتد القمع والإرهاب والظلم".
وفيما يلي نص الكلمة:
أيها السادة :
أقف أمامكم اليوم باسمي وباسم الضمير الحر لأتحدث عن جريمة لا تُمحى من ذاكرة الإنسانية: استهداف وقتل الصحفيين في غزة أولئك الذين حملوا الكاميرا والقلم ليشهدوا على الحقيقة، فكانوا هم الهدف.
لقد دفع الصحفيون ثمناً باهظاً لأنهم فعلوا ما ينبغي لأي صحفي حر فعله : أبلغوا، وثّقوا، ونقلوا صوت الضحايا إلى العالم. أما النتيجة فكانت مروّعة، مئات من الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام قتلوا خلال سنوات الحرب، ومعدل القتل هذا جعل من غزة الأخطر في العالم على العاملين في الصحافة، تقول التقارير الموثقة
لماذا يُقتل الصحفي بهذه البشاعة وبهذا الاستهداف الممنهج في غزة، لماذا تم اغتيال حتى الآن حوالي ٢٥٠ صحفي ؟ الجواب واضح ومؤلم: لأن الحقيقة تجعل الجناة غير مرتاحين وعرضة للازدراء والعقاب. إسكات الصحفيين عبر قتلهم يهدف إلى طمس الأدلة، إلى تغيير الرواية، ولإخافة من يبقون لينقلوا ما يحدث لناس العالم. عندما تُستهدف الكاميرا، لا تُقتل حياة واحدة فحسب، تُقتل إمكانية المحاسبة، ويُغلق باب العدالة أمام الضحايا وعائلاتهم
هذا الاستهداف ليس عشوائيا فرديا بل سياسة ممنهجة؛ تقارير من منظمات صحفية وحقوقية أظهرت تكرار ضرب البنى الإعلامية واستهداف العاملين في الحقل الإعلامي أثناء قيامهم بمهامهم الصحفية. النتيجة المراد تحقيقها من هذا القتل الممنهج : صمت قسري ، معلومات مشوّهة، وباب واسع يمكن المجرمون من الإفلات من العقاب.
في غزة قُتل الصحفيون لأنهم حملوا الحقيقة للعالم. لم يحملوا سلاحاً، بل كاميرا وقلم. لكن الحقيقة تخيف القتلة أكثر من الرصاص، لذلك أرادوا إسكاتهم إلى الأبد عبر القتل الممنهج كما قلت.
أيها السادة..
استهداف الصحفيين في غزة ليس مجرد جرائم فردية عشوائية، بل هو جريمة ضد الحقيقة، ضد الذاكرة، وضد حق الناس في أن يعرفوا. قتل الصحفي هناك يعني قتل الشهادة، وفتح الباب للمجرمين كي يواصلوا جرائمهم بلا خوف من المساءلة.
هناك عواقب وخيمة لقتل الصحفيين الممنهج في غزة، هي خسارة كبيرة لأرواح شجاعة تركت فراغاً كبيراً. وهي حرمان للعالم من رواية مستقلة عمّا يحدث. وهي إضعاف العدالة، وتعزيز ثقافة الإفلات من العقاب.
لكن دماء الصحفيين لن تُسكِت الحقيقة، بل تجعلها أكثر صراخا وتصر أكثر على ملاحقة القتلة، وهزيمة مشروعهم الإجرامي. مسؤوليتنا اليوم أن نطالب بحمايتهم، وأن نصر على محاسبة من قتلهم، حتى يبقى الحق أقوى من الرصاص، وتبقى الكلمة حرة مهما اشتد القمع والارهاب والظلم.
لمشاهدة الكلمة كاملة اضغط (هنــــا)