الأنشطة

توكل كرمان: النساء يدفعن الكلفة الأعلى للحروب والاستبداد
أكدت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، أن النساء في مناطق النزاع، يتحمّلن الأثمان الأفدح جراء الحروب والاحتلالات والدكتاتوريات، داعية المجتمع الدولي إلى نصرة قضاياهن وإشراكهن في صناعة السلام.
وقالت كرمان في كلمة لها خلال فعالية نظمتها شبكة القيادات النسائية التابعة للأمم المتحدة في نيويورك: نلتقي اليوم في عالم يزداد قسوة وجوراً على النساء، وفي لحظة تختبر ضمير الإنسانية وصدق التزاماتنا تجاه السلام والعدالة وحقوق الإنسان.
وأضافت كرمان أن غزة تعيش كارثة إنسانية، حيث تجاوز عدد الشهداء سبعين ألفاً غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما تحولت المستشفيات إلى مقابر، والبيوت والمدارس والجامعات إلى أنقاض، مشيرة إلى أن نساء غزة لا يفقدن فقط أبناءهن وأزواجهن، بل يُتركن أيضاً بلا مأوى أو غذاء أو دواء، وسط عجز وتواطؤ دولي.
وتطرقت كرمان إلى الوضع في اليمن، حيث تواجه النساء نيران الحرب ومؤامرات الوصاية الإقليمية، بين مليشيات انقلابية مدعومة من إيران، وأنظمة إقليمية تسعى إلى تقسيم البلاد، لافتة إلى أن المرأة اليمنية تتحمل مسؤوليات مضاعفة في ظل غياب الدولة، وانتشار الفقر والمجاعة، وتوقف الخدمات والتعليم.
وشددت كرمان على أن النساء رغم هذه الظروف لم يتوقفن عن النضال والمطالبة بالحرية، مؤكدة أن مستقبل اليمن لن يُبنى إلا بدولة ديمقراطية عادلة تحمي الحقوق وتضمن الكرامة.
واعتبرت كرمان أن التاريخ أثبت أنه لا سلام حقيقي دون إشراك النساء، ولا عدالة من دون وجودهن في صدارة معركة الحرية، مؤكدة أن حرية المرأة هي أساس حرية المجتمع كله.
وختمت كرمان كلمتها بالقول: فلنقف جميعاً مع كل نساء العالم اللواتي يواجهن الحرب والاستبداد والفقر والتمييز. فبقوتهن سنصنع عالماً أكثر عدلاً وسلاماً وكرامة.
وفيما يلي نص الكلمة:
نلتقي اليوم ونحن نعيش في عالمٍ يزداد قسوة وجورا على النساء في أنحاء مختلفة من العالم ، وعنفاً متزايدا على الضعفاء . نلتقي في لحظة تختبر ضمير الإنسانية وتختبر صدق التزاماتنا تجاه السلام والعدالة وحقوق الإنسان .
أبدأ بكارثة غزة، حيث تدفع النساء الثمن الأفدح لحرب الإبادة ومجازر التطهير العرقي. أكثر من سبعين ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، وما يزال آلاف تحت الركام. المستشفيات تحولت إلى مقابر، البيوت أضحت أنقاضاً، والمدارس والجامعات لم تسلم من القصف كلها دمرت تماما وسويت بالأرض . نساء غزة لا يفقدن فقط أبناءهن وأزواجهن، بل يُتركن أيضاً بلا مأوى، بلا غذاء، بلا دواء، وبلا أي سند من مجتمع دولي عاجز أو متواطئ.
وفي وطني اليمن، تقف المرأة بين نيران الحرب ومؤامرات الوصاية الإقليمية. تعيش بين فكي مليشيات انقلابية مدعومة من إيران، وأنظمة إقليمية تسعى إلى فرض الوصاية وتقسيم البلاد. النساء هناك يفقدن معيل الأسرة، ويتحملن مسؤولية الأطفال في ظل غياب الدولة وانتشار الفقر والمجاعة. وتعطيل الخدمات الأساسية وما يناله التعليم من شلل تام ، ومع ذلك، لم تتوقف المرأة اليمنية يوماً عن النضال؛ فهي عبر كفاح مستمر تطالب بالحرية، وتؤمن أن مستقبل اليمن لن يُصنع إلا بدولة ديمقراطية عادلة تحمي الحقوق وتضمن الكرامة.
أخواتي وأصدقائي، إن معاناة النساء في غزة واليمن وغيرها تكشف حقيقة مرة: أن المرأة تدفع دائماً الكلفة الأبهظ للحروب والاحتلالات والدكتاتوريات. لكنها أيضاً تبقى الأقدر على حمل راية الحياة والأمل والمقاومة.
لقد أثبت التاريخ أن لا سلام حقيقياً دون إشراك النساء، ولا عدالة دون أن تكون النساء في صدارة معركة الحرية، ولا مستقبل من دون الاعتراف بدورهن كصانعات تغيير وقائدات للمجتمعات في أصعب الظروف.
أخواتي، إن حرية المرأة ليست قضية منفصلة عن حرية المجتمع كله. حين تنتصر المرأة تنتصر الأمة بأكملها، وحين تُقهر المرأة يُقهر معها الشعب بأسره.
فلنقف جميعاً مع نساء غزة، مع نساء اليمن، ومع كل نساء العالم، اللواتي يواجهن الحرب والاستبداد والفقر والتمييز. فبقوتهن سنصنع عالماً أكثر عدلاً وسلاماً وكرامة.