الأنشطة
في حديثها بمؤتمر دولي.. توكل كرمان تحذّر من حملة عالمية على الجامعات وحرية الفكر
حذّرت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، اليوم السبت، من حملة عالمية ممنهجة تستهدف الجامعات وحرية الفكر، معتبرة أن الهجوم على التعليم العالي جزء لا يتجزأ من الحرب على الديمقراطية وحقوق الإنسان.
جاء ذلك في حديثها بمؤتمر المجلس الوطني لبرامج التعليم المتميز في الجامعات (NCHC) في مدينة سان دييغو بالولايات المتحدة الامريكية، بمناسبة مرور 60 عاماً على تأسيسه، وبحضور حوالي 1500 من الأكاديميين والمتميزين من مختلف أنحاء العالم.
من اليمن إلى سان دييغو
وبدأت كرمان حديثها بالتذكير برحلتها الشخصية، مؤكدة أنها جاءت من اليمن، حيث بدأت مسيرتها كصحفية وناشطة تعليمية تقف بمفردها ضد النظام الاستبدادي، موضحة أن الوقوف عند بوابات جامعة صنعاء ودعوة الطلاب للمطالبة بحقوقهم شكل نقطة تحول في الحراك السلمي الذي أدى إلى إسقاط الدكتاتورية.
وقالت كرمان: بدون شجاعة طلاب الجامعات، لما استطعنا إسقاط الطغيان، مشددة على أن الجامعات كانت وما زالت مسرحًا لأجمل وجوه الإنسانية، من الطلاب الذين يواجهون الرصاص دفاعًا عن الحرية إلى الأساتذة الذين يقفون للدفاع عن الحقيقة.
حملة عالمية ضد الجامعات
وحذّرت كرمان من وجود حملة منظمة تستهدف الجامعات حول العالم، بهدف تقييد الحريات الأكاديمية، مراقبة البحث العلمي، فصل الأساتذة والطلاب المنتقدين، وإضعاف الجامعات عبر الترهيب والاعتقالات.
وأضافت كرمان أن هذه الحملة لا تقتصر على الدول الاستبدادية فقط، بل تمتد إلى المجتمعات الديمقراطية حيث تُسعى لتشويه سمعة الجامعات والسخرية من الحياة الفكرية، وإقناع الشباب بأن التعليم العالي مضيعة للوقت أو غير ضروري.
وقالت كرمان إنه ليس مجرد رأي، بل مشروع متعمد وممول يهدف لإنتاج جيل لا يشكك، ولا يعترض، ولا ينظم.
الطغاة والحرية الأكاديمية
وأكدت كرمان أن الطغاة يخافون السؤال الحر أكثر من الدبابة أو السلاح، فالجامعات تنتج مواطنين أحرار يفكرون قبل أن يطيعوا، ويرفضون الظلم، ويؤمنون بأن الكرامة حق غير قابل للتفاوض.
وأضافت كرمان أن قمع الأساتذة والطلاب ليس مجرد خلاف سياسي، بل هو حرب على الروح الإنسانية وقدرتنا على التفكير والحلم والمقاومة.
المتطرفون والتنوع الفكري
وأشارت كرمان إلى أن المتطرفين يخشون الجامعات لأنها تقدم مجتمعًا مبنيًا على العلم والحوار والتنوع، مشددة على أن التعليم الحر يحمي القيم من الانهيار ويحول الشباب إلى قوى للكرامة والتعايش، بدل أن يكونوا أدوات للكراهية والتطرف.
الشركات الجشعة والتحكم بالعقول
كما حذرت كرمان من دور بعض الشركات في إضعاف الجامعات، مشيرة إلى أن الإعلانات، المؤثرين، والخوارزميات تحل محل التعليم الحقيقي، ما يخلق استهلاكًا سلبيًا وعقولًا ضعيفة، مؤكدة أن ذلك يمثل "استعمارًا فكريًا" يهدف إلى تحويل الشباب إلى مستهلكين مطيعين بعيدًا عن التفكير النقدي والعلمي.
ستة التزامات لمواجهة التحديات
وقدّمت كرمان ستة مبادئ أساسية للطلاب والأساتذة وقادة الجامعات لمواجهة هذه التحديات شملت؛ الفخر بالجهود الأكاديمية، تحديث التعليم وربطه بالابتكار، تنمية الأخلاق والضمير الإنساني، حماية استقلال الجامعات والحريات الأكاديمية، تحفيز طلاب الشرف، وقيادة الجيل نحو مستقبل أفضل.
الحرية مصير الشجعان
واختتمت كرمان خطابها برسالة تحفيزية للجيل الحالي من الطلاب قائلة: لا تستسلموا — ولن نستسلم أبدًا. نضالنا واحد. مصيرنا واحد. والحرية دائمًا مصير الشجعان.
وفيما يلي نص الكلمة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدني غاية السعادة أن أكون بينكم اليوم ونحن نحتفل بمرور ستين عامًا على انعقاد المؤتمر السنوي للمجلس الوطني لبرامج الشرف الجامعية (National Collegiate Honors Council Annual Conference). ينبع فرحي من إيماني الراسخ بقوة العلم والمعرفة، والدور المحوري الذي تضطلع به الجامعات في تشكيل الوعي، ومواجهة الظلم، وبناء مجتمعات حرة ومزدهرة.
قدمت إليكم من الطرف البعيد للجنوب العالمي، من اليمن، حيث بدأت رحلتي كامرأة متعلمة، وصحفية، وحالمة تجرأت على الوقوف وحدها في وجه طاغية. في الفترة من 2006 إلى 2011، قدت احتجاجات سلمية شبه منفردة، مدفوعة بالأمل واليقين معاً بأن النظام الاستبدادي الفاسد عاجز عن إصلاح نفسه – ولا بد من تغييره.
وكانت نقطة التحول حين وقفت أمام بوابات جامعة صنعاء وناديت: "أيها الطلاب، حقوقكم، حقوق اليمنيين تُسلب!"، فجاء ردهم ليغير مسار النضال. فلولا شجاعة طلاب الجامعات، لما استطعنا إسقاط الديكتاتورية.
داخل أسوار الجامعات، رأيت أجمل أوجه الإنسانية: طلاباً يقفون في وجه الرصاص مطالبين بوطن حر، وأساتذة يُعتقلون لدفاعهم عن الحقيقة، وشباباً لا يملكون مالاً ولا سلطة — إلا حلم الكرامة وشجاعة السعي إليها.
ولهذا السبب تحديدًا، نرى الجامعات اليوم مستهدفة من قبل الطغاة والمتطرفين والشركات الجشعة التي تخشى العقول الحرة.
حملة عالمية ضد الجامعات
يواجه العلم والعلماء اليوم - أساتذةً وباحثين وطلابًا - حملةً ممنهجةً تستهدف التعليم العالي كمؤسسةٍ ومسارًا للحرية والتقدم.
يواجه العلم والعلماء اليوم - أساتذةً وباحثين وطلابًا - حملةً ممنهجةً تستهدف التعليم العالي كمؤسسةٍ ومسارًا للحرية والتقدم. تسعى هذه الحملة إلى تقييد الحريات الأكاديمية والطلابية، ومراقبة الأبحاث، وقمع الأساتذة والطلاب، وتعيين الموالين للأنظمة، وإضعاف الجامعات من خلال الترهيب والفصل والاعتقالات.
في الوقت نفسه، تنتشر روايةٌ صاخبةٌ تهدف إلى التقليل من قيمة الجامعات والسخرية من الحياة الفكرية، مدّعيةً أن التعليم العالي غير ضروري أو نخبوي.
نسمع من يقول: "الجامعة مضيعة للوقت"، "لا تحتاج إلى تعليم — فقط اعمل بجد"، "المليارديرات لم يكملوا دراستهم الجامعية". هذه ليست نصائح بريئة. إنها مشروع متعمد وممول بسخاء، يهدف إلى تقويض الثقة بالعلم، وتفكيك التفكير النقدي، وإضعاف آخر مساحات الحرية. هدفه تنشئة جيلٍ لا يسأل، لا يعترض، ولا ينظم نفسه.
هذه ليست نصيحةً بريئة، بل حملة مُخطط لها ومُمولة تمويلاً جيدًا تهدف إلى:
• تقويض الثقة في الجامعات،
• السخرية من الحياة الفكرية،
• تشويه سمعة العلماء والباحثين،
• إعادة صياغة العلاقة بين المجتمع والمعرفة،
• وصناعة جيل بلا وعي أو ضمير.
إنها هندسة اجتماعية، ومعركة على الحقيقة، وحرب على من يملك العقل والمستقبل. لذا علينا أن نسأل: لماذا يخشى الاستبداد والتطرف والرأسمالية الجشعة من الجامعة؟
١ - لماذا يخشى الطغاة الجامعات؟
عبر العالم، استهداف الجامعات ليس الا انعكاس لاستهداف الديمقراطية نفسها. إن الاعتداء على التعليم العالي لا ينفصل عن الاعتداء الذي يطال حقوق الإنسان عالمياً: صعود الاستبداد، وانتشار الكراهية، وإسكات الأصوات، وقمع الصحافة، وتجريم الحريات الأكاديمية والطلابية.
لا يخشى الطاغية الدبابة بقدر ما يخشى السؤال الحر، ولا يخشى السلاح بقدر ما يخشى الطالب الذي يتساءل: "لماذا؟" و "من المستفيد؟" و "ما هي الحقيقة؟"
إنهم يخشون المجتمعات الحرة - المجتمعات ذاتها التي تُنشئها الجامعات الحرة، والجامعات ليست مجرد جدران أو قاعات أو محاضرات.
إنها لا تُعلّم المهارات فحسب، ولا تُخرّج رعايا؛ بل تُخرّج مواطنين أحرارًا يتحلون بضمائر حية وعقول شجاعة. إنها تنتج مواطنين يُفكّرون قبل أن يُطيعوا، مواطنين يرفضون الظلم، ويؤمنون بأن الكرامة حقٌّ لا يقبل المساومة.
لذا، عندما يُحظر كتاب، أو يُفصل أستاذ، أو يُعاقب طالب لمطالبته بالعدالة، فهذه ليست "خلافات سياسية"، إنها شظايا من حرب أوسع على الروح الإنسانية: حرب على قدرتنا على التفكير، والتساؤل، والحلم، وقول "لا".
نشاهد ذلك جليًا في المنطقة العربية، ونراه في غزة، حيث تُقصف الجامعات، وتُهدم المكتبات، وتُباد العقول الشابة - وهي من أفظع الجرائم ضد المعرفة والإنسانية. ونراه في السودان، حيث يُخنق التعليم وتُدمر المدن – وما تحمله من أحلام. و نراه في أوكرانيا، وفي أنحاء أفريقيا، وفي كل مكان تقف فيه الحقيقة بين الاستبداد والحرية.
ونراه اليوم في الغرب، بما في ذلك هنا في الولايات المتحدة، حيث تُشيطن الحركات الطلابية لمجرد وقوفها إلى جانب المظلومين؛ حيث يُعاقب الطلاب المحتجون ضد الإبادة الجماعية في غزة، ويُهدد تمويلهم، وتيتم الضغط على الجامعات لتقييد أو مراقبة النشاط الطلابي.
٢ — لماذا يخشى المتطرفون الجامعات
ينمو التطرف في الهويات المنغلقة، والعقول المقفلة، والمجتمعات المنعزلة، ويقتات على الخوف، والكراهية، والجهل، والخرافة.
بينما الجامعة هي نقيض ذلك: إنها مجتمع يُبنى على العلم والحوار والتنوع والتعددية.
تعلمنا بأن التنوع قوة، وأن الحوار سلطة، وأن الكراهية جهل.
تتهم الحركات الفاشية الجامعات بأنها "تفسد الشباب"، لا لأن الجامعات تهدم القيم، بل لأنها تنقذ القيم من الانهيار في مستنقع التعصب، فالشاب الذي يتشكل داخل جامعة حرة لا يتحول إلى أداة للكراهية، بل يصير قوة للكرامة والتعايش.
٣ — لماذا تخشى الشركات الجشعة الجامعات
الشركات الجشعة لا تريد عقلاً حراً، بل تريد مستهلكاً مطيعاً.
بعض الشركات اليوم تتحرك بسرعة تفوق سرعة الحكومات.
الخوارزميات تشكل الوعي،
والإعلانات تشكل الرغبة،
والمؤثرون يحلون محل المعلمين.
وهكذا تظهر معادلة مربحة:
الوعي الضعيف = الاستهلاك السلبي = الربح اللامحدود
ولهذا تعمل بعض الشركات – عن قصد أو بشكل غير مباشر - على إضعاف الجامعات:
هم يريدون أن يتعلم الشباب من المؤثرين، لا من أساتذة الفلسفة، ومن الإعلانات لا من العلم، ومن الخوارزميات، لا من الفكر النقدي.
يتم تحويل الثقة بعيداً عن قاعات الدراسة وإعادة توجيهها نحو:
• الدورات التجارية
• المحتوى القصير
• التدريب السريع
• "مهارات بلا قيم"
• "معرفة بلا إنسانية"
هذا ليس تقدماً، بل استعمار فكري.
كيف نواجه هذا الهجوم؟
نحن لسنا أمام مناظرة تعليمية، بل أمام معركة وجودية بين المعرفة والجهل، بين الحرية والاستبداد.
ولمواجهة هذه المعركة، يجب أن نتحد - طلابًا وأساتذة وباحثين وموظفين وقادة جامعات.
دعوني أشارككم ستة التزامات في هذه اللحظة:
أولًا: كونوا فخورين بأنفسكم
كل ساعة قضيتموها في الدراسة، أو البحث، أو النقاش، أو الكتابة، هي مساهمة في تقدم البشرية.
ارفضوا من يقلل من شأن الجامعات أو الأساتذة أو الطلاب، ومن يسخر من إنجازاتكم، وارفضوا المقارنة السطحية بين التعليم وعدد قليل من المليارديرات الذين تركوا الدراسة.
أترون تلك الشركات التي بناها المليارديرات؟
إنها تعمل بعقول خرجتها الجامعات.
لا تدعوا أحدًا يسرق قيمة ما بنيتموه.
ثانيًا: تحديث التعليم وربطه بالابتكار
التحدي اليوم هو السرعة، فالعالم يتغير بوتيرة أسرع من المناهج الدراسية، وأسرع من المؤسسات.
تحديث التعليم العالي ليس خيارًا.
يجب أن تكون الجامعات رائدة في سوق العمل، لا تابعة لها.
قدموا أسساً أخلاقية لريادة الأعمال.
كونوا في قلب التحول الرقمي، لا ضحاياه.
كافحوا التضليل الرقمي.
استخدموا التكنولوجيا لخدمة الحقيقة، لا لطمسها.
ثالثًا: تنمية الأخلاق والضمير الإنساني
في زمن الاستبداد، والاستقطاب، والذكاء الاصطناعي، على الجامعات أن تفعل أكثر من مجرد إعداد الطلاب لسوق العمل — عليها أن تهيئهم للقيادة القائمة على الكرامة الإنسانية والمسؤولية المشتركة.
نحن بحاجة إلى قادة يعيدون إحياء القيم التي تمنح العلم روحه: الرحمة، والمسؤولية، واحترام الآخر، والعناية بالبيئة.
في عصر الذكاء الاصطناعي، تصبح هذه المهمة أكثر إلحاحًا؛ فالتكنولوجيا يمكن أن ترفع البشرية أو تسحقها، ويجب أن تبقى خادمة للحرية الإنسانية، لا بديلًا عنها.
كما يجب على الجامعات أن تخرج من جدرانها وتنخرط في المجتمع، وأن تبني شراكات محلية وعالمية.
انظروا إلى غزة، والسودان، وأوكرانيا، وأفغانستان، واليمن:
هناك تُدمَّر المدارس، ومع ذلك يواصل الطلاب التعلم تحت القصف، لأنهم يؤمنون بأن المعرفة مقاومة، وأن التعليم هو خط الدفاع الأول عن الكرامة.
فلنربط المعرفة بالضمير، والعلم بالمسؤولية، والمحلي بالعالمي.
فالقوة الحقيقية لا تكمن في امتلاك المعرفة،
بل في مشاركتها لرفع شأن الإنسانية.
رابعًا: لا مساومة على استقلال الجامعات أو على الحريات الأكاديمية والطلابية
تشير تقارير دولية حديثة إلى خطورة اللحظة التي يعيشها عالمنا اليوم.
في أكتوبر 2025، حذّر تقرير صادر عن جامعة "ساينس بو" من التآكل السريع للحرية الأكاديمية حول العالم، حتى في الدول الديمقراطية، وأكد أن استقلال الجامعات لم يعد مضمونًا في ظل الضغوط السياسية والاقتصادية.
وبعد أسابيع، وثّقت منظمة "العلماء في خطر" (Scholars at Risk) مئات الهجمات على أكاديميين وطلاب في 49 دولة، مما يؤكد أن قمع الفكر الحر بات يمتد إلى دول كانت تُعدّ حصونًا للديمقراطية.
تُظهر هذه النتائج اتجاهًا عالميًا خطيرًا يهدد ركائز الحضارة الإنسانية: حرية الفكر، والكرامة الإنسانية، وحق المجتمع في المعرفة والحقيقة.
الحرية الأكاديمية ليست امتيازًا — إنها حق.
وليست رفاهية — بل هي خط الدفاع الأول عن الديمقراطية.
لا تولد المعرفة في ظل الخوف.
ولا يزدهر الإبداع تحت المراقبة.
ولا يمكن لأي جامعة حرة أن تتحول إلى ثكنة، أو ذراع للسلطة، أو أداة دعائية لجماعات المصالح.
إلى قادة الجامعات وأعضاء هيئات التدريس:
احموا استقلال جامعاتكم من السلطة السياسية، ومن التمويل المشروط، ومن تأثير جماعات الضغط النافذة.
لا تكونوا، تحت أي ظرف من الظروف، أدوات قمع ضد طلابكم.
اجعلوا جامعاتكم حصونًا للحرية — لا بوابات للخوف.
شجعوا الحوار، والاختلاف، والشجاعة الفكرية.
الجامعة الحرة لا تُخرّج موظفين فقط؛ بل تُخرّج مفكرين، وقادة، وبناة للمستقبل.
حين تُكمم الجامعات، وتصبح الأسئلة خطرًا، تسقط الأمم في الظلام، ويُدفن المستقبل قبل أن يولد.
إن تقييد الحرية الأكاديمية والطلابية ليس مجرد خطأ — إنه جريمة بحق المستقبل.
الجامعة التي تخشى السؤال تتحول من مصنع للأمل إلى مقبرة للعقل والمعرفة.
نحن لا نريد جامعات صامتة، ولا أساتذة يهمسون بالحقيقة، ولا طلابًا يحبسون أنفاسهم قبل أن يتكلموا،
فلا وجود لجامعة بلا حرية أكاديمية.
خامسًا: إلى طلاب برامج الشرف
أنتم هنا ليس للاحتفاء بالعالم كما هو، بل لبناء العالم كما يجب أن يكون.
الشرف ليس لقبًا؛
الشرف هو مسؤولية —
شجاعة في التساؤل،
تواضع في التعلم،
وقناعة في الفعل.
ارفعوا أصواتكم.
قفوا في وجه الظلم، والكراهية، والانقسام.
دافعوا عن جامعاتكم، عن حرياتكم، عن إنسانيتكم.
الديمقراطية لا تموت دائمًا بالسلاح؛
أحيانًا تموت بالصمت — حين يُستبدل السؤال بالولاء، ويُستبدل الفكر بالخوف.
على مرّ التاريخ، كانت الجامعات مهد الحركات التحررية:
• حركة الحقوق المدنية
• النضال ضد الفصل العنصري
• المعارضة لحرب فيتنام
• الربيع العربي
• وحركة الطلاب العالمية اليوم من أجل غزة، من أجل فلسطين، ومن أجل العدالة في كل مكان
الجامعات كانت — ويجب أن تبقى — قلب التحرر.
سادسًا: كُن الجيل الذي يقود العالم نحو مستقبل أفضل.
يحتاج العالم إلى ضميركم، ومعرفتكم، وبوصلتكم الأخلاقية.
اربطوا الابتكار بالأخلاق، فالخطر ليس في تقدم الآلات، بل في تراجع البشر عن دورهم الأخلاقي.
حاسبوا الحكومات والشركات.
حاربوا الفقر.
ارفضوا الفساد.
احموا البيئة.
عارضوا المستبدين والمحتلين.
ابوا عالمًا بلا حروب، بلا كراهية، بلا ديكتاتورية، وبلا عنصرية.
وفي ختام كلمتي أقول:
لا تيأسوا -
ولن نستسلم أبدًا.
نضالنا واحد.
مصيرنا واحد.
والحرية دائمًا مصير الشجعان.
شكرًا لكم،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

